عاشوراء هو يوم العاشر من محرم، الذي يتجدَّد كل عام، لتتجدَّد معه فرحة المؤمنين في كل مكان وزمان منذ عهد موسى-عليه السلام- بنصر الله؛ إذ نصره وقومه ونجّاهم من العذاب الأليم، في تلك السَّاعة الحرجة، لما قال قومه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61] أي لا شكّ ولا ريب.
فهذا هو فرعون الجبَّار وجنوده على بُعد خطواتٍ منَّا، فقال لهم موسى-عليه السلام- الواثق بوعد ربِّه: {كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، فكان المدد الإلهيُّ: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63].
عاشوراء موسم الفرح الكبير بنصر الله المؤزَّر، يستحيل عند الشيعة إلى مأتمٍ وحزنٍ وبكاء وتهييجٍ على الطَّعن في حَمَلة الشريعة ونَقَلَة الكتاب والسنة من الصَّحابة –رضوان الله عليهم- بدعوى محبَّة آل البيت، وحزنًا على الحسين بن عليٍّ رضي الله عنه!
والحسين وآل البيت كلّهم برآء من هذه المجوسيَّة التي تهدف إلى تحريف الدين والتَّشكيك في أصوله، نعم إنَّ الدين الذي تجتهد إيران في إقامته ونشره في لبنان وفي غيرها من البلدان، دينٌ محرَّف لا يشبه دين الله الذي بعث به الرسل، لكنَّ الدولة الإيرانية تتخذ فكر التشيع ستارًا، تستجيش به عواطف العامَّة والدّهماء، من البسطاء الذين لم تتفتح أعينهم على الحقيقة، فعاشوا في غشاوة التشيع، وما فيه من استثارة واستدرار لعواطفهم ومحبتهم لآل البيت؛ من أجل أن تتخذ ذلك ستارًا للطعن في الشريعة.
ومع ذلك فلا ينبغي أن نحكم على أعيان الشيعة بحكمٍ واحد، فهم ليسوا سواء، فيهم العالم الوالغ في الضلالة، من يعرف الحقَّ ويكتمه؛ انتصارًا للمعتقد الفارسيّ المجوسيّ القديم، وحقدًا على الإسلام والعرب. نعم، وللأسف لا يزال حب الحضارة الفارسية المجوسية القديمة يملأ صدورهم.
ولم يزدهم فتح الإسلام إلا إمعانًا، وقد كان فتح الإسلام شوكة في حلوقهم، ما استطاعوا أن يبتلعوها، فعاشوا في ظل الدولة الإسلامية وتعايشوا معها، والحقد ملء صدورهم، فكان انحرافهم بالتشيُّع الفطري في نفوس المسلمين إلى آل البيت، وبنائهم على عاطفته مذهبًا كاملًا مبنيًّا على قاعدة الكذب الصريح، اتّخذوه حصان طروادة ينقضون به أركان الإسلام من داخله.
فعلينا أن نتنبَّه أيها الإخوة إلى المكر الذي تمارسه دولة إيران، تحت ستار من الكذب والتضليل! والذي انطلى-للأسف- على كثيرٍ من العوامّ، بل على كثيرٍ من طلبة العلم، الذين استنكر بعضهم تحذير أهل العلم والفقه في الأحوال المعاصرة مما يُسمى بـ(حزب الله).
وخدعتهم الشعارات المرفوعة، كما خدعت من قبلهم آخرين مثلهم لما قامت الثورة الإيرانية عام 1978م، وأعلنت إقامتها للجمهورية الإسلامية، فعندئذٍ-وللأسف- صدّقها الكثيرون، وانخدعوا بشعاراتها الزائفة، بل وتوجَّه إليها بعض طلاب العلم مباركين ومهنئين ومبايعين إمامها الخميني ومعانقين!
وهذا كلّه أيها الإخوة بسبب قلة الفقه في الأحوال المعاصرة، وعدم الاستئناس في ذلك بأقوال أهل العلم الذين حنكتهم التجارب والابتلاءات التي مرُّوا بها، فصاروا ينظرون إلى هذه الأحداث وهم يدركون ما وراءها من دوافع خفيَّة، ويلمسون الكذب والافتراء والتضليل الذي تمارسه وسائل الإعلام الشيعية، والمخدوعون بها من عامَّة المسلمين.
أيُّها الإخوة، إن الفتن لم تزل منذ عهدٍ طويل، تُحدق بالمسلمين وعلمائهم، فلذلك حريٌّ بالشباب اليوم أن يلوذوا في أمثال هذه الحوادث بمن خبر هذه الابتلاءات فخرج منها نقيَّ المعدن، حديد البصر في حقيقة الوقائع والأحداث التي تمرُّ به.
الكاتب: د. ناصر العمر
المصدر: موقع المسلم